mercredi 1 février 2012


الإعلام التونسي تحت سيطرة نخب مؤدلجة و بؤر الفساد : التائه في نفق مظلم

يشهد القطاع الإعلامي في تونس هذه الأيام تجاذبات متواترة لا يخفى على أحد أن جوهرها ايديولوجي صرف !!
يحدث اليوم الأربعاء بتاريخ 1 فيفري من عام اثني عشر و ألفين تصعيد  خطير  في لعبة ليّ الذراع بينها و بين الحكومة تحديدا و لو أن القطاع الإعلامي لم يتوجّه صراحة بسهام النقد صوب الجهات الرسميّة إذ أنهم الى الإن حريصون على عدم الدخول في مواجهة مباشرة مع "الشرعية" و هم أعلم بمدى  خطورة هذه الخطوة الانتحارية .. إلا أنهم أقدموا على  عمل احتجاجي نوعي إذ قامت التلفزة الوطنية و مواقع الصحف  و الإذاعات   بتوشيح واجهتها بشريط أسود حمل شعار : " لا للإعتداء على الصحفيين لا لحد من حريّة التعبير و للوصاية على الإعلام " !! ...زعموا...
نحن لن نشكك في نزاهة كل العاملين  بقطاعنا الاعلامي فهذا ضرب من الحيف و شهادة الزور و لا نشك أن كثيرا من العاملين بهذا القطاع قد سئموا  تواصل نفوذ الكثير من رؤوس الفساد و الوجوه التجمعية في هذا القطاع :  خذ قضية إذاعة المنستير مثلا و إقدام القيمين عليها على طرد  كفاءة  صحافية  لأسباب بعضها ايديولوجي كونها "متدينة"   و على خلفية اثارتها لقضية الفساد في القطاع الإعلامي السمعي البصري و هو السبب المباشر  لإقصائها من الإذاعة ....غير أن القطاع لم يحرّك ساكنا حينها و لم يعرّج و لو بتلميح حول هذه الحادثة الخطيرة التي تهدّد فعليا المسار الثوري و تكشف عن بؤر الفساد التي عششت كالطفيليات في صميم قطاعات الدولة كلها   فيما زالت عفونتها بمفعول العمل الثوري ....
من رائع الصدف أن  أشهد تدشين هذا "اليوم الاحتجاجي" بمنوعّة "صباح الخير" الوطنية ، خصّصت التلفزة خلالها جزءا من الحصّة  للحديث عن "أزمة النقاب" و اللباس "الديني" أو بالأحرى "السلفي"الذي تفشى في أيامنا هذه و خلق دوامة من التجاذبات و المشاحنات شبه اليومي في المجتمع و إن كان لا يخفى على منصف أنها "أزمة مفتعلة" ، و لكم أن تخيلوا ضيوف الحلقة المبجّلين لتحليل عمق هذه الظاهرة و أسبابها و آثارها على مجتمعنا التونسي ...


أحد الضيوف  الأستاذ في علم الاجتماع العروسي" العامري" ، تناول تحليل هذه الظاهرة من منظور تاريخي و اجتماعي بحت : فقد ادعى الأستاذ المبجّل أن هذا اللباس كما زعم كذا واحد من نخبتنا العلمانية المثقّفة ، أنّ هذا اللباس دخيل على عادتنا و تقاليد المجتمع التونسي و أضاف : بل إن الأمر يتجاوز اختراق المنظومة التراثية و الثقافية التي يعكسها اللباس الاجتماعي السائد في أي مجتمع انساني الى ما سماه "مساسا بالذوق العام" !!...قال " من يلاحظ خاصيات اللباس السلفي الذي درج على ارتداءه  أنصار هذا التيّار و شبيبته أنه خليط فلوكلوري لعدة مجتمعات : على صعيد الرأس هو خليجي !! ...و على صعيد الجذع هو أفغاني !!؟؟ ...و أسفل الحزام هو "تونسي" ( لاحظ هذه المغالطة  هل شاهدتم سلفيا يرتدي السروال التقليدي الفضفاض ؟؟ ...أنه يعني سروال "الجينز" الأمريكي !!)...قال الأستاذ " و هذا فيه مساس بالذوق الاجتماعي العام و تعدّ على تراث و أصالة المجتمع !!
 و هنا يتوقف  ليبيّن من منظوره التاريخي الخاص به المليء بالمغالطات أنّ أصل النقاب (أو ما عدّه هو و المقدّمة و كذلك الضيف الآخر الذي سأعرج على ذكره لاحقا : لباسا سلفيا ! ..) هو من تقاليد اللباس النسائي الأفغاني !! ...و أنه انتقل  ( هو عالم اجتماع و لم يخبرنا كيف حدث هذا ؟؟ ) الى دول الخليج فانتشر و أصبح ظاهرة  اقليمية !!...
بالطبع الأستاذ يا إما هو مزجى البضاعة في علم السنة النبوية و السيرة  أو إنه يتغافل عن ايراد أثر عائشة أم المؤمنين عامدا ، حيث ذكرت أن رسول الله صلى اللله عليه و سلّم قد رخّص لها في اسبال غطاء الوجه ( النقاب في عصرنا) عند الاختلاط موسم الحجّ رغم نهيه سائر النساء عن ارتدائه هو و القفازان عند القيام بالمناسك ....بالطبع لسنا الآن في خضم الدخول في مناقشات أصولية حول شرعية النقاب و حكمه الشرعي في الدين لأن هذه المسألة استنفدت حقها من النقاش و لأنني لست من أهل العلم الشرعي و لو أنني أزعم أنه لو خوّل للأستاذ الفاضل الدخول في  مناظرة فقهية حول شرعيته مع شاب سلفي له أبسط مقومات طلبة العلم الشرعي إذا لأفحمه الشاب السلفي !!.... و لكننا نعلم  جيدا أكثر أطروحات نخبة علمائنا المؤرخين الذين نهلوا من نهر علم كبيرهم الأستاذ "الشرفي" و اعتقادهم في الأثر و السنّة و هو اعتقاد "استشراقي" بحت  قائم على أنكار السنّة و الطعن فيها و القاء التهم و الافتراءات اللاعلمية جزافا على الصحابة و رواة الحديث  و على رأسهم أبو هريرة  رضي الله عنه و المنصف منهم يلقي باللوم و يرمي سهامه تجاه الدولة الأموية و ما اقترفته ( زعموا ) من جرائم في حق التاريخ الاسلامي ....
لكننا لا نريد الاجحاف و لا نبغي المجازفة في حق الأستاذ ، و سهام نقدنا هنا هو عدم تطرقه لأزمة اللباس التقليدي الذي أصيب في مقتل منذ الإستقلال و تعرّض إلى حملة استئصال ممنهج زمن العهد البورقيبي البائد !
لدرجة أن الأستاذ "زلعها" ( و أعذروني على استعمالها ) أكثر من مرّة في خضم التأكيد على ضرورة التمسّك و المحافظة على الأصالة الثقافية و التراثية للمجتمعات المتحضّرة لا سيّما و أن اللباس هو بلورة لهذه الثقافة و التحضّر في واقع هذه المجتمعات ، لا أدري هل يرى الشباب التونسي ملتزما بهذه الأصالة و المنظومة الإجتماعية قبل "تسلّل" اللباس السلفي الى مجتمعنا التونسي ؟ ...إن كانت الاجابة هي نعما فقد أقام الحجّة على نفسه و كفى بهذا شهادة على انخرام الموضوعية و التقصّي العلمي في تحليله للظاهرة إذ من المعلوم عند كل عاقل أن مجتمعاتنا العربية لا التونسي وحده قد  أختطفت من أيدي نخبها الفكرية المستقلة منذ أكثر من عقدين  بتواطئ الجهات الرسمية العميلة حينها و انخرطت ثقافتنا في دوّامة العولمة المكتسحة لكل الخصوصيات الحضارية  للشعوب على وجه البسيطة حتى خرج علينا صامويل هنتنجتون بنظريته الشهيرة في مؤلفه المشهور "صدام الحضارات " كتنبأ مستقبلي الى ما سيؤول اليه الصراع الفكري و الايديولوجي الذي قادتهم اليه "عولمتهم" خاصة ضد المسلمين !!


و إن أجاب نفيا فكما سبقنا بالذكر آنفا حول تغاضي الأستاذ الذي بدا متعمدا للتطرق الى حيثيات هذه الظاهرة و تناولها من منظور اقليمي و دولي  عام و موضوعي مع ما سبق أن ذكرته من اقترانها بعوامل سياسية و اقتصادية معظم الوقت لا الاقتصار على ظاهرة "اللباس السلفي" الذي بدا في الواقع ( على رغم من من بعض الملاحظات التي نوافق فيها الاستاذ من أهمها عدم التقيّد بلباس واضح الملامح بالنسبة للذكور) صرخة مقاومة ضد العولمة الفكرية ذات القطب و المنبع الأحادين لا اجتياحا و غزوا "بربريا" كما صوره هو على الأصالة و الذوق الاجتماعي العام !!
...المقدّمة بدت حائرة و لم تكن مسيطرة على دفة الحوار و كما هو الصنيع الدائم الذي عودنا به الاعلاميون النجباء فإن منظورهم للثقافة  يقتصر في اطاره الاصطلاحي عندهم على "الفن" و الغناء و السينما و المسرح ، أو بالأحرى على العهر الفكري !!
الضيف الآخر ( نسيت إسمه) و رغم أنه  كان البادئ باستعراض رأيه من منظور اجتماعي و نفسي حيث إدعى ثالثة الأثافي "أن النقاب بالتحديد يشكل مانعا اجتماعيا للتواصل و بالتالي للنهوض الفكري و الحضاري" ....لن نغوص طويلا في نقاش جدلي حول  مدى موضوعية هذا الطرح ، و لكن نطرح  بعض الإشكاليات التي قد ترد على خاطرة المتفرج : و هل يقتضي هذا التواصل و الحوار  بين طرفين أكيدا أن يطلع كلاهما على ملامح الآخر حتى نبني هذا المسمى الحضاري الذي اتفقتم على تسميته "بالتواصل" ؟؟
ان كانت الاجابة بنعم فهل هذا يعني اقراركم بضرورة الانسجام "الجسدي و المادي" اضافة للروحي حتى نبني دعامة  "تواصل" حقيقي و حضاري بنّاء ؟؟ ..ألا يقودنا ذلك إلى الخوض في منعرج خطير قد يضع علامات استفهام حول ما يراد به من هذا "المفهوم الاصطلاحي"= التواصل ، إذ أن هذا قد يحيلنا الى بحث حول ضرورة الاندماج الصوري أو القبلي و العنصري بين الطرفين للقيام بهذا التواصل على أكمل وجه و في ذلك نسف لمفهوم التواصل الحقيقي كما نعرفه حقيقة و كما عُلّمناه من كتاب ربنا : و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا ....هذا لأن علّة  تمسكّه بضرورة الإنفتاح  المادي بشقيه البصري و السمعي بين أطراف التواصل تفيد احتمالين  : إما نفور و إما إقبال و هذا و لا شك أمر حادث في  الفطرة الانسانية نتيجة  إفرازات المجتمعات البدائية التي سبقت تحولها الى الحضارة  ، و لأجل ذلك كان "التواصل" "الخطابي"  و "الفكري"  عاملا مساعدا على ازاحة عوائق التواصل جانبا و معنى الآية الكريمة : أن الاختلاف الفكري و العرقي هو سبب التواصل و غايته خاصة أن أساس الأمم اليوم هي نتاج انصهار قبائل و شعوب مختلفة الأعراق في رقعة جغرافية في زمن ما.
ثمّ ألا ينسف هذا الأطروحة التي يروجها أولئك الذين يزعمون أن وسائل الإتصال الحديثة قد أسست ثقافة تواصل عالمية متطورة لا سابق  لها جعلت من هذه الكرة الأرضية الضخمة الأبعاد أشبه ما تكون بقرية صغيرة ! ، و هي القائمة أصلا على حاسة "السمع" و التواصل الافتراضي دون التطرق في معظم الوقت الى الاتصال المباشر سمعيا و بصريا بين طرفين تحول بينهما مسافة جغرافية  هائلة ،  نضرب جدلا الاعلام البديل كأطروحة مضادة لهذا الطرح و الذي أسّس لثورات تاريخية على أنظمة ديكتاتورية عسكرية في المنطقة  ؟
إن الدخول في متاهة الاجابة حول هذه الإشكاليات سيقود الأستاذ الفاضل حتما إلى أن يناقض نفسه ذلك أن الواقع الانساني و الحضاري يكذّب طرحه ، أو أن يتخلّى عن أطروحته "الممنهجة" أصلا لصرف أنظار فتياتنا عن هذه السنة الحسنة و بأسلوب حواري راق عقلاني و سلس !
....كل ما ذكرته  آنفا كان مجرد قوس أطلت النقاش فيه لمعنى في نفسي ، و أغلقه باستنتاج بسيط : هذا الإعلام  بالتوازي مع عمله الاحتجاجي الذي يسعى فيه كما زعم الى تكريس أسس إعلام حر و مسؤول ، ها هو على الملأ يمارس سياسة الدمغجة الفكرية بأسلوب ماكر و يرسي سياسة اقصاء الرأي المخالف كونهم لم يستضيفوا  أحدا من المعنيين بالموضوع الشرعي القهي أساسا و لا حتى شاهدا محايدا أو شابا سلفيا أو فتاة منتقبة كي يناقشوا الظاهرة تحت ضوء علمي و تحليل موضوعي ....
كنت أستمع لحوارهم و أنا أنظر بالتوازي الى الشعار الموشّح بشريط أسود ...خطر ببالي أبيات شاعرنا الفذ أبو القاسم الشابي في آخر رائعته الشعرية " فلسفة الثعبان المقدّس" :
و كذلك تتخذ المظالم منطقا عذبا لتخفي سوأة الآراب !!!





lundi 23 janvier 2012

.التحالف اللامقدّس بين النخب "المقوّشة " : على ضوء محاكمة القروي صاحب "النقمة في قضية الاساءة للذات الالهية

الاضواء يومها كانت مركزة على  رمز من رموز حقبة الجمهورية الاولى الجمهورية الفاشية  الفرنكوفونية المتلفعة بعباءة الحداثة و التقدميّة : الحقبة البورقيبية  خلفّت ورائها "ديناصورات"  ضلت جذورها  الطفيلية  متعلقة بدواليب السياسة في تونس الى يومنا هذا : " لباجي قايد السبسي" و ما أتاه اليوم من فعل نُكُر أُسقط في يد الشعب من جرائه وخيّم على سوادهم احباط كبير  لمن كان  من الحري به أن يضرب الأمثال للاجيال السياسية الصاعدة في بناء الدولة الحديثة بعيدا عن التجاذبات الحزبية  و المساومات الايديولوجية الرخيصة :
انا لا ألوم عليه اللوم من الاحرى أن يوجه للمسؤول الأول الذي وكّله  بشغل منصب رئيس الحكومة الانتقالية : "المبزع"و نلوم على الشعب  على عدم مواصلته للعمل  الثوري و السكوت عن كم غير قليل من التجاوزات التي أقدم عليها هذا الاخير في حق الثوار و الثورة ، و  على نفسي و على كل انسان بالغ و واعي بالقضية و لم يتحرك لاي سبب او دافع ....
هؤلاء الناس يا اخوان أخروا الاصلاحات و تغاضوا عن المجرمين اللذين عرف عنهم ولائهم لحزب الدستور و للبورقيبيين و الذين تقلدوا  مناصب  حتّى في عهد المخلوع ، ضوا الطرف أيضا على المجرمين من النخبة "لمقوّشة" و مثلما حاولوا عرقلة حل التجمع بكافة الوسائل و اجبروا الشعب بقبول مشاركة التجمعيين في الاستحقاق الانتخابي و ممن تقلد مناصب ادارية فيه حتى .....
  هؤلاء تآمروا على الشعب و على الحكومة و على المجلس التأسيسي الذي عرف أغرب قوانين توزيع المقاعد في العالم فحتى أعرق الديمقراطيات البرلمانية كهولندا و بريطانيا فانها سنت قوانين لمنع تشتت الكتل السياسية في البرلمان فوق اللزوم و قطع الطريق امام مرتزقة السياسة ممن تسلقوا و سيتسلقون دائما على اوهام فئة ساذجة من الشعب : فحددوا نسبا متفاوتة من الوزن الانتخابي كحد أنى لقبول اعضاء الكتلة في البرلمان تفاوتت بين 10 بالمئة و 4 بالمئة ....في حين أن هذه النسب تمثل كتل اليسار الراديكالي مجتمعة في المجلس التأسيسي التونسي !!
فأي اصرار هذا و تآمر على الشعب و ارغاما له بقبول الوصاية البرجوازية المتهاوية الملحدة ؟؟؟؟!!!
عيّن هذا السبسي في غضون آخر شهر من حكم حكومته اللاشرعية المتواطئة : رجالا محسبوين على التوجه اليساري في شتى الهياكل الادارية في مؤسسات الدولة قدرها البعض بستمائة تعيين !!!!....
هذا السبسي أعاد الى الواجهة بعض رموز الظلم و القمع في حقبة المخلوع دون اكتراث لحساسية الوضع و لمشاعر الثوار و عائلات الشهداء و الجرحى و للمناضلين الذين قبعوا في غياهب السجون الانفرادية عقودا من الزمن : الديماسي و جبيب الصيد في السلك الامني و غيرهم كذلك في شتى مؤسسات الدولة !!!
السبسي اليوم يطبق المقولة الشهيرة : ان كان رب البيت بالطبل قارعا......
نعم فالسيد بورقيبي اصيل بورقيبي للنخاع كما يصف و يفتخر "أحب من أحب و كرخ من كرخ " !!!
اليوم يكون عونا للكفر على فسفاط الايمان الذي يحوي أغلب طبقات هذا الشعب المجاهد ضد عواصف التصحر الفكري و حملات تجفيف المنابع التي تعرض لها لمدة نصف قرن من الزمان و ها هي اليوم قد هبت فئة غيورة منه على عقيدتها و هويتها و كيانها سر وجودها : دينها !!
و بقلوب ترعرعت على الفطرة و الايمان و بهتافات تلقائية صدحت برفض تواصل الهجمات اللامقدسة ضد عقيدته و هويته من قبل الاقلية البرجوازية المتواطئة مع اعداء الثورة سابقا ، يأتي اليوم هذا العجوز الخرف و يتحدى الشعب في ضرب واضح بعرض الحائط "لهيبة الشعب" !!!
يا شعب لا تنتظروا النهضة ....فهي حاليا أعجز من أن تقوم بمحاربتهم جميعا هؤلاء الحثالة و بإسكات آهات المكلومين من ضحايا الثورة و البطالة و نصف قرن من الفساد
...... لست أجد لهم مبررات و طريقا للتملص من الفروض و المسؤوليات : و لكن لنكن واقعيين ....ليس الآن وقت المحاسبة سوف يأتي .....و ان عجزوا هم فلا يخفى عليكم أن غيرهم أعجز بل هو متواطئ ايضا !!
يا شعب ...اصبر على بقايا هذا العهد البائد الذي يلفظ آخر انفاسه و يرقص رقصة الديك المذبوح و البورقيبية أثبت "سبسيّها" بهذا الصنيع الحاقد المستفز أنها على شفير الهاوية و انها ترقص رقصة الديك المذبوح !!
....من كان يعتقد أنه بعد عام من مطالبة بعض المستشارين الخونة من أزلام النظام البائد الحد من صوت الأذان "الملوث" للبيئة أن يحاكم صاحب "النقمة" على استفزازه لمشاعر الشعب و انتهاكه لحرمة الدين بعد أن كانت تنتهك حرمته جهارا نهارا كل يوم !!؟؟؟
صبرا .... فالفرج آت .....و الشعب هو من سيتحرك اليوم ياأيتام الفرنسيس و سيأخذ الله بثأرهم و كانت كلمته هي العليا و كلمة الذين كفروا السفلى !!

من لي بمثل سيرك المدلل ....
تمشي رويدا و تجي في الأوّل !!


vendredi 6 janvier 2012

"الفساد المقدّس" 1...الأطر الفكرية

دولة الفساد و أركانها لم تزل الى يومنا هذا رغم انهيار بنيانها ، بنيان لطالما ظلّت ترفرف فوقه رايات تشي شعاراتها للناظرين بزخرف القول غرورا ، لكنها كانت تخفي خلف حيطانها صرخات  كلمى بضيم و جور لطالما  ظللوها بتلك الشعارات و تلاشت بين زوايا أركان بنيانها، انهارت "معالم" دولة الفساد و لم تتداعى أسسها بعد....
و اليوم أصبح الشعب يعيش على وقع جدل ساخن حول اولويات  و مطالب اجتماعية و حقوقية  كانت المحرك الاساس لاسقاط معالم الفساد و اقطابه ، جدل حول ترتيب هذه الأولويات و حول آليات تحقيقها و عن التصورات المثلى لما يمكن ان تكون عليه او فلنقل لحدود امكانية تطبيقها و جعلها واقعا ملموسا في  الامد القريب ، قضايا : التشغيل و التنمية الجهوية و العدالة الاجتماعية ....
و بين هذه و تلك ، نجد أنه قد تم الاجماع بالفعل على قلة الآليات الاصلاحية التي أجمع عليها اليمين و اليسار السياسي في تونس على آلية : المحاسبة فالمصالحة  في حل ملفات الفساد المتراكمة ،و مد جسر العبور الى مرحلة الدولة الحديثة ، إجماع أغلق من غير إستفتاء للرأي العام و لسوؤ الحظ  : جدلا واسعا كان قابلا للطرح حول سبل "القطيعة " الفعلية و الحازمة مع "الأسس" التي بني عليها فساد الجمهورية الأولى ، جمهورية الاستقلال ، أسس كرست "شعارات" وهمية لقيامها ، شعارات أثبتت أنها جوفاء ، أنها أوهن من بيت العنكبوت ، و اليوم على وقع تبني هذه الآلية ، نرى أن أسس الفساد التي لم تتداعى بعد ، و قد تبنّت هي بدورها و كورم سرطاني يقض أركان الدولة الفتيّة ، دولة ما بعد الثورة  ، "شعارات الثورة" و لتنتقل بطريقة أو بأخرى و "باستحقاق" من وضع الدفاع الى وضع الهجوم و تصبح "المحاسبة" انتهاكا لحريات مدنية ، و "المصالحة" آلية الانتقال الى وضع "الفساد المقدّس"......
                                                                                               

-"الفساد المقدّس" هي  أفكار و أطروحات أرسيت دعائمها قديما في حقبة ما بعد الاستقلال ، و كانت أبرز عناوين مرحلة الضيم الاجتماعي و التلف العقائدي و الفكري  و الديكتاتورية التي  عاش على وقعها أبناء دولة الاستقلال و بنيت  على دعائمها مؤسستها .
"الفساد المقدس" أطروحات كان ورائها منظرون فرادى و جماعات  غير مستقلة لا فكريا و لا حتى سياسيا في بعض الاحيان ، بل هي تكاد تجزم في كل مناسبة ترسي فيها قيم الرذيلة على أكوام شعارات براقة المفردات خبيثة المعاني ، أنها ما فتئت تمارس الارتزاق الفكري و السياسي منذ أن أختيرت كي تكون أذناب بقايا دولة المستعمر البائدة ...
"الفساد المقدس" عم أركان دولة ما بعد الاستقلال في شتى ميادينها ،  على المستوى الاجتماعي  ، الاقتصادي ، السياسي ، و الأخطر من هذا كلّه : "الفكري"...

في قضايا الفكر : 
 علاقة الانسان بالدين في الدولة المدنية ما بعد الاستقلال: 

لربما كان العنوان الابرز لهذه القضية هو الشعارات التي لطالما صدحت بها ابواق  العلمانيين : الدين لله و الوطن للجميع !!....التلبيس و التدليس  ....
 هو حق اريد به باطل....
فإنه منذ قيام الخلافة الراشدة  بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم لم تعرف الأمة يوما و لا اجتمع لواء جيوشها لدهر حكم فيه خليفة يدعي أن أمره هو من أمر الله و خلافته من اصطفاءه إلا من شذ من رعاعها من فرق الرفض و التصوّف الغالية أو ما عرفت فيما بعد بالفرق الباطنية ....و قد اتخذوا(العلمانيون على رأسهم) من المقولة الشهيرة : أن السلطان هو ظل الله في الأرض ، كون هذا السلطان مقدّس شخصه غير مردود أمره و لا يجوز بأي حال خلعه أو نقده أو مراجعته و هذا كلّه هراء يردّه التاريخ و وقائع القوم المشهورة و كلام العلماء فتاويهم و اجماعهم أنه ليس بعد رسول الله بشر الا و يؤخذ من كلامه و يرد عليه ....
علاقة الانسان بربّه أو دين المرء تحت ظل هذه الدولة هو دين "الارجاء" حقا   ، فلا كبائر يقام الحد على مستحقها ،عدا تلك التي واطئها المشرع المدني قصدا أو سهوا ، و لا ذنوبا يقرّع عليها مقترفها حتى يثاب لرشده و ينزع عن غيّه ، الا ما وافقت فيها القيم المدنية ( أو فلنقلها على سجيّة أهلها : قيم الحضارة الغربية ) الدين الرباني ...
فيما عدا ذلك فقد علت بيارق الرذيلة على حطام الفضيلة في مجتمع صار "الحياء شرا كلّه" ،و قديما قيل : إن لم تستحي فاصنع ما شئت ...
علاقة المرأة بالمجتمع :
هو سوق ازدهرت فيه صناعة "الأوثان" الفكرية للتغرير بالمرأة التونسية و الزج بها في أتون حرب مفتعلة لا ناقة لها فيها و لا جمل جاعلين من أوثانهم أبطالا لمسرحية  ذات اخراج مكرر يلعبون نفس الادوار "الدونكيشونتيّة"  في محاربة قيم "التخلّف" و "الاستبداد الديني " و التعصّب الفكري و المذهبي ، فنبغ فيمن هم ليسوا أهل للنبوغ الا فيما لا نُبغ فيه  : الطاهر حدّاد و المجاهد الأكبر في دفع وازع الدين عن هويّة المواطن الحبيب بورقيبة ، و أقروا تلبيسا و زورا أنه لا حريّة للمرأة الا في التحرر من مستور الحال و الثياب الى السفور الخُلقي و الخلقي ..
الأخطر من ذلك أن يتآمر هؤلاء على امرأتنا فينصون في مجلة "أحوالهم الشخصية" على نزع العصمة من يد الرجل و الغاء التعدّد و ايحال مترتبات هذه القرارات الهدامة و ما ستقره من مشاكل و أمراض نفسية و اجتماعية فيما بعد الى يد المحاكم المدنية العاجزة _(الا في البت في القضايا بتطبيق قوانين آلية ) عن حل اشكالات تراكم مطالب الطلاق و التفتت الاسري و الاخلاقي اذ أن المشكل قد كمن في أسس هيكلة الاسرة التونسية في المجتمع الجديد لا في أعيان أو حالات شذت عن المألوف أو حادت عن الالتزام العرفي و القانوني ، فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ...

 التراث الفكري و التاريخي بين جحود السلف الاسلامي و استعراض العهد الوثني :

تونس أرض تلاقح حضاري و ثقافي منذ عصر ما قبل التاريخ ساعدها في ذلك موقعها الجغرافي المنفتح على دول حوض المتوسّط أين ازدهرت أرقى الحضارات ، تونس شهدت لبرهة غير طويلة قياسا بعمر غيرها من الحضارات المزدهرة ، ازدهار حضارة في ربوعها قبل أن تسقط تحت حنكة قادة قياصرة الروم و تستنزف مواردها و يستعبد أهلها طيلة قرون من الزمن ، حتى جاء الله بالفتح من عنده و على يد قوم من العرب  جاؤوا ليبشروا بالدين الجديد و يكملوا تبليغ الامانة التي أداها لهم النبي الأمي صلى الله عليه و سلم ،  نفر منهم السكان الاصليون بداية و تمالؤوا عليهم مع المستعمرين القدامى و عدوهم غزاة جددا ، لكن مالبث أن دانت لهم رقاب البلاد و العباد  بقوة الكلمة و حدّ السيف فانحازت لهم قلوب الخلق  و تعلقوا بالدين الجديد بل استلموا راياته و قادوا جيوشه ثم كان أن عمرت بهم فوق ربوعها أقوى الحضارات بالحوض المتوسط طيلة القرون الوسطى حتى استحالت دول و شعوب عريقة التراث و التاريخ تتحدث لغتهم و مفرادتها عالقة بألسنتهم الى يومنا هذا ( كلسان أهل جزيرة صقلية ) و تتخلق بأخلاق تجارها و تترجم من مراجعهم العلمية كتب المعارف و العلوم الطبيعية و الانسانية .....
غير أن أجيال دولة ما بعد الاستقلال ما فتئت تتعرض لحملة  تغريبية صرفة تتمثل في  فرض مقرراتها الدراسية منزلة من أروقة صناعة القرار بالشونزيليزيه ، كان من محتوياته في مادة التاريخ : استعراض تاريخ دول الشرق الاوسط الاسلامي الى حدود دولة المأمون المعتزلي و اعتبار الفتح العثماني بعد ذلك غزوا ، هذا في مقابل التبسّط "الاستعراضي" و الممّل بتاريخ "قرطاج الوثنية" و آلهتها و حروبها مع روما القيصرية و عرض "المخازي" في صورة "الانتصارات" و الانبطاح في صورة الانفتاح و الازدهار ، فتونس مطمور روما و ما أدراك لم تكن يوما إلا امتدادا "للحضارة الغربية" في تجربة لا نظير له في ربوع دول جنوب الحوض  المتوسط و هي تجربة "قابلة للتكرار" في عرف هؤلاء ...


من هنا بدأ التآمر على التراث الفكري و التاريخي لتونس ما بعد الاستقلال و كان ذلك مقدمة للتشكيك في هويّة المجتمع و اعادة تشكيل ثقافة مجتمع جديد ، ثقافة جاهزة في قوالب مستوردة سيغدو ابانها من السهل التعامل مع الاعراف و بقايا التقاليد الموروثة و التي أبقت على فتات الهويّة و قيم الفضيلة التي رسخّها الدين و حفظت بقيّة حياة في مجتمعنا،،،
ثم تم التجييش لهذه الثقافة نخبويا و مؤسساتيا و اداريا  مع تماشي هذا المخطط و تضافره مع مؤامرة تجفيف المنابع و الغلق أو التضييق على المؤسسات  ذات الطابع الديني كجامعة الزيتونة العريقة ، و كذا فعلوا في حق العلماء والمفكرين المستقلين ذوي المرجعيات الأثرية والعروبية في شتى الميادين ،  تم التضييق عليهم و اقصائهم بل و تخطى الامر الى تصفيتهم أحيانا ، قابلته سياسة بناء  نخبة فكرية علمانية راديكالية الملامح تكون "الحاضن" الرسمي و المبدأي لثقافة البديلة المزمع انشائها و ترسيخها في فكر الشباب الصاعد ، عن طريق تبنّي أطروحاتهم  في المقررات الدراسية الثانوية و الجامعية في المواد الادبية كالتاريخ و الفلسلفة ....
نرى أن أطروحة بعضهم في ما يخص بدأ تدوين التاريخ الاسلامي و مسألة نقد التاريخ الى الطعن في عدالة أسانيد من عدلوا من قبل العلماء الى الطعن في بعض أعيان الصحابة جملة و تفصيلا ، قد أصبحت مذهبا مقررا في كلياتنا الادبية و نستطيع أن نقر بأن أجيال الناشئة في سبعينيات دولة ما بعد الاستقلال الى آخر العهد البائد قد شهدت أعظم حملة دمغجة فكرية  في ما يخص التراث و التاريخ و لكم في الاطروحات الفكرية التي يتبناها معظم خريجي المعاهد العليا في السلك الادبي خير دليل ...
هذه الاطروحات لعبت دورها في صعود "نخبة يسارية" تتخذ من معاداة ما يسمونه بالفكر الرجعي  (أو بعبارة ديبلوماسية "كلاسيكي") السائد في المجتمع ، عقيدة فكرية و منهجا فارقا في التأصيل الفكري و العقائدي ، و لابد و أن فوز الاسلاميين مؤخرا و سابقا في أوائل العهد النوفمبري بالانتخابات قد يظهر لهذه النخبة  حجمها القاعدي على حقيقته و أنها ليست  في النهاية الا نخبا معزولة ، و لكن يجب أن لا نبالغ في الاطمئنان المفرط ذلك أن كثيرا من أطياف الشعب لا تبدي ارتياحا كبيرا لذوي الاتجاهات السلفية و الطابع الديني و هذا ما يعكس نجاحا نسبيا و تورطا ملحوظا للعمل الدنيئ التي أقدمت عليه تلك السياسات المكرسة ل "أسس الفساد" في دمغجة المجتمع و تشويه قيم الفضيلة التي كرستها شريعة الاسلام كفضيلة الحجاب و اطلاق اللحيّة و حفظ المرأة في بيتها و ذم الاختلاط بين الذكور و الاناث بعد سن البلوغ ... و غيرها كثير مما أصبح النقاش فيه يجلب لصاحبه الشبهات و يثير من حوله "الاشمئزاز" حتى بعد السقوط المدوي "لأقطاب" دولة الفساد ....

 دولة الفساد عششت و بنت أسسها المتعفّنة في جميع الميادين و ضربت بقوّة على الصعيد الفكري حتى يكون له أبلغ الأثر في تطويع المجتمع لسياسات كانت مخططة عن سبق ترصد و اصرار ، و لا  ينطلي بالفعل الا على الانوك أن النوايا كانت طيبة و أن أولئك الرجال كانوا الدمى  التي كانت تؤدي اللإيماءات المسرحية دون وعي أنها كانت مسيّرة بخيوط رجال "الظل" من وراء كواليس المشهد السياسي ....

"الفساد المقدّس" هو سمة الملفات اللتي لم تعالج بعد و بدأت تستعصي على حكام تونس ما بعد الثورة و تثير البلبلة و الجدل في صميم الرأي العام بله النخبوي ، "للفساد المقدّس" أٌطر أُخر سنتناولها بالحديث ان شاء الله ....











samedi 2 avril 2011

الخارطة السياسية في دولة الثورة اليوم و قوى النزاع و الهيمنة =نظرة عامة

الملاحظ في  في الفترة الأخيرة في الحياة السياسية التونسية الجديدةبكل ما فيها من( زخم= وقعه على المحيط الخارجي في الأوساط الاقليمية و الدولية+تأثيره على البنية الهيكلية للهرم السياسي +المدني التونسي=>انقلاب موازين القوى لصالح المعارضة الراديكالية على أرض الميدان لا على على المائدة السياسية=>قوة سياسية شكلية+مؤقتة، للنظام الذي لا يزال يحاول وهو في آخر رمق من حياة الوصية لللأقربين و يتماه ممن هم على شاكلته في اتباع الفكر التغريبي=يسمونه الحداثي،زعموا ، و خدمة الأجندة الخارجية الفكرية و  السياسية في  تونس)، أن الصراع بين الايديولوجيات الفكرية بين أقصى اليسار و اليمين ككل لا يزال محتدما حتى بعد مرور أكثر من عقدين على غياب هذا الصراع عن واجهة الحياة "السياسية" على الأقل ، لكن هذه المواجهات اتخذت منحى أكثر نضجا و أقل تطرفا عن ذي قبل عبر أساليب أكثر مكرا و حنكة و بطريقة قد تبدو غريبة عن ملامح السياسة الدولية و لكنها كلاسيكية روتينية بالنسبة للحالة السياسية الاقليمية :
 النزاع :
-لم يعد ثقافيا بحتا بل تطور الى = ثقافي+ سياسي + اقتصادي : الوضع العام في المنطقة يلقي بظلاله :
أغلب الأنظمة الاقليمية تنتهج السياسة الرأسمالية في اقتصاداتها الواهنة تواجه أزمات فقر و قلة فرص العمل و تدني الأجور+مجتمعات شابة=مضاعفة الأوضاع المتردية أصلا
أغلبية الأنظمة مترهلة و التي لها خلفيات ايديولوجية تغذي بها شرعيتها في بلدانها كالنظام البعثي السوري و الثوري في ليبيا ، لم تعد تواكب التطورات الفكرية و السياسية المتلاحقة و المتسارعة بفعل مد العولمة على العالم ككل و المنطقة بشكل خاص +ضحالة فكرية + لم تعد تلبي طموحات الشباب العربي الأصيل و العائد بقوة الى دينه و الاعتزاز بالهوية كونهما العاملين الوحيدين المتبقيان لمجابهة المد الفكري و الاستعماري الغربي في المنطقة
و أخيرا الانحدار و السقوط المتواصل على الصعيد الثقافي و السياسي لليسار و الفكر العلماني أمام المد الاسلامي في الآونة الأخيرة و في دول تعتبر من أكثر النظم العلمانية راديكالية=تونس+تركيا(قوة اقليمية مؤثرة)
هذا من جهة ، من يغذي هذا النزاع اليوم ؟ خاصة في دول  الثورة =تونس مثال :
أولا : رموز الفكر الرجعي الاسلاموفوبي للزمن البائد : البورقيبي : حصيلة تجربة سياسية و فكرية فاشلة بالمرة = كثير من هؤلاء زيتونيون و لكنهم أشربوا روح العلمانية عند  استكمال دراستهم بالخارج= ضعف التأطير و التكوين في المؤسسة الاسلامية بشكل عام في ذلك الوقت و تعرضها لموجات من التغريب و القمع + المناخ الجاهلي الصوفي المخيم على البلد و المنطقة ككل خلال الاستعمار و قبله+ افتقاد الأمة الى قيادات تجددية على المستوى الديني و الفكري تذب عن البلاد رياح الشمال التغريبية القارسة التي ضربت الأخضر و اليابس(باستثناء الثعالبي+بن عاشور لم تنعم تونس بعدهما بهكذا رموز اسلامية ألمعية)
و الحاصل تخلي هؤلاء عن القضية الاسلامية  و تبني المشروع الفكري التغريبي طيلة نصف قرن من الزمن و الأكثر من ذلك مجابهة الفكر الأصولي بشتى أنواع القمع و العداوة السياسية + الاعلامية
ثانيا:رموز العهد البائد من آلة القمع البوليسي و هذا ما تتميز به تونس و أنظمة المنطقة العربية دون غيرها من دول العالم ، كون وزارة الداخلية =أكبر حزب و لاعب سياسي في الدولة ، هذه المؤسسة هي رديفة المؤسسة الكاتوليكية في العصور المظلمة ما قبل الثورة الفرنسية و ثورات العلوم الفكرية في أوروبا أو ما يسمى بعصور الأنوار= تتبنى خطابا سياسيا قمعيا ذو خلفيات ايديلوجية(اسلاموفوبي في الحالة العربية و التونسية) في آن واحد ، و لئن استغرق الأمر في أوروبا قرونا من الزمن كي تتخلص من وصاية هذه المؤسسة المشؤمة في ميادين العلم و الفكر و السياسة ، الا أن الوضع في المنطقة العربية يبدوا مغايرا باذن الله ذلك أن العرب أهل رسالة و أصحاب قضية وقضاياهم محور الفضايا الدولية =طي المراحل أمر مطلوب و الشعوب تبدي قدرة فائقة  و نضجا في التعامل مع التقلبات السياسية في المنطقة و استيعاب الدروس التاريخية=أحداث غزة+اضمحلال الفكر التكفيري في الأوساط الشبابية
ثالثا:الأحزاب الاسلامية : الاخوان على رأسهم
هذه الجماعة هي من أكثر الجماعات الاسلامية عراقة في التاريخ السياسي في المنطقة و الأكثر نضجا و مرونة في التعامل مع التقلبات السياسية المتسارعة ، و لكنها كذلك الأكثر اصطداما بعد الفكر التكفيري ، مع اليسار السياسي في الدول الاقليمية التي لا تزال تسمح بفتات  من التعددية السياسية ، هذه الجماعة هي المرشحة الأبرز  للأخذ بزمام الأمور داخل المشهد السياسي في الدول العربية ما بعد الثورة كونها الأكثر شهرة و استقطابا لعقول الجماهير ، و لكنها كذلك الأكثر اثارة للجدل السياسي  من طرف الأوساط اليسارية كونها تعادي كل ماهو اسلامي أو يستجيب لأغراض تدعيم النزعة الأصولية و ثوابت الهوية في المجتمعات الاقليمية ، و كذلك الجدل الثقافي من الأوساط الراديكالية و الأصولية أو ما يسمى سياسيا أقصى اليمين : كون هذه الحركة ذات ملامح ضبابية عقائدية و يختلف منهجها من دولةلأخرى و تخالف النهج الأصولي للاسلاميين القاضية بعدم القبول بالدخول في متاهة اللعبة السياسية الديمقراطية  و الاكتفاء بالعمل الدعوي على الأرض و اصلاح البيت العربي و اعادة ترتيبه من جديد لخلق مجتمع اسلامي متجدد و مسؤول و قادر على تفعيل النهضة السياسية و تعزيزها في مختلف المجالات الأخرى


هذه هي أطراف النزاع الجديدة القديمة و التاريخ يعيد نفسه و  يكرر درسه ، و من يستوعب درس التاريخ أكثر من الآخر هو من سيدير دفة الثورات لخدمة  مصالحه و أغراضه في المنطقة، و أعتقد أن اليسار لم يعد له على الأرض من أوراق رابحة سوى التجربة الفلسطينية الهزيلة على طريقة فتح و حماس ، و هنا الكرة ملقاة في ملعب الرؤوس التي تدير الصراع : عليهم أن يخيروا بين وطن للجميع أو وطن مباع على عربة خضار يتاجر به أصحابه في المحافل الدولية على غرار التجربتين اللبنانية و الفلسطينية ، الأوضاع لا تبشر بخير و لكن ما يفتح باب الأمل هو الوعي الفائق للشعوب العربية و الاسلامية ككل بما يحاك حولها من مؤمرات تسعى لضرب الهوية في مقتل لأنها الحصن الوحيد الذي بقي لنا كي نحتمي به من الغزو العولمي و  الذي طال كل أرجاء العالم و الصيلبي الذي يستهدف منطقتنا ، و الطرف الذي سيعزز هذا الغرض بطرقية أو بأخرى هو من ستنحاز اليه الشعوب





jeudi 31 mars 2011

أسس التعامل مع الوضع الراهن

يبدو أن الحزب الحاكم و أعداء الاسلام و الشعب و أذناب اللوبي الصهيوني في المنطقة هم من يحاول الآن الالتفاف على الانتفاضة الشعبية بخلق جو سياسي مشحون و اثارة الفتن و الهدف من هكذا اشاعات مغرضة هو اعادة استغلال فزاعة الاسلاميين و التطرف الاسلامي لمقاومة رغبة الشعب في العودة الى الحياة الاسلامية العادية التي عاشها طوال عمره منذ دخول الاسلام الى تونس و انفتل حبله منذ دخول الاستعمار الى يومنا هذا


و كذلك تقسيم الشعب التونسي الى تيارات فكرية و حزبية متناحرة باسم التعددية و اعادة نموذج لبنان و العراق فالحذر الحذر يجب التعامل الآن مع المشهد السياسي بفطنة و ذكاء و تريث و توكل على الله أولا و أخيرا